تصاعد "العنف الإنجابي".. استهداف الحوامل ومرافق الولادة في الحروب يفاقم الأزمة

تصاعد "العنف الإنجابي".. استهداف الحوامل ومرافق الولادة في الحروب يفاقم الأزمة
إصابات الأطفال في الحروب - أرشيف

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، استناداً إلى بيانات جمعتها منظمة «سيكيوريتي إنسايت» غير الحكومية، عن نمط متصاعد من العنف المرتبط بالصحة الإنجابية، بات يشكّل أحد الأوجه الحديثة للنزاعات المسلحة، مع تأثيرات مباشرة وخطيرة على النساء الحوامل والعاملين في القطاع الطبي، وتهديد واسع لقدرة الدول على ضمان حق السكان في الولادة الآمنة.

وأوضحت الغارديان، في تقرير لها، اليوم الثلاثاء، أن هذا النوع من العنف لا يقتصر على الأضرار الجانبية للحروب، بل يتخذ طابعاً ممنهجاً في بعض النزاعات، عبر استهداف مرافق الرعاية الصحية الخاصة بالأمهات والمواليد، أو تعطيل عملها، أو ترهيب الطواقم الطبية، ما يحوّل الحمل والولادة إلى رحلة محفوفة بالمخاطر.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن غياب المساءلة الدولية وتراجع آليات الحماية القانونية يسهمان في توسيع رقعة هذه الانتهاكات، وسط صمت دولي متزايد.

خسائر في الطواقم الطبية

أظهرت البيانات توثيق ما يقارب 300 هجوم أو حالة تعطيل لمرافق الرعاية الخاصة بالولادة والحوامل خلال السنوات الثلاث الماضية، إضافة إلى 119 حادثة على الأقل تضمنت ضربات مباشرة لمستشفيات وغرف ولادة.

وبيّنت المعطيات أن هذه الهجمات أسفرت عن مقتل نساء، وحرمان أخريات من الرعاية الطبية، وإجبار بعضهن على الولادة في ظروف غير آمنة، فضلاً عن تسجيل مقتل ما لا يقل عن 68 قابلة وطبيب نساء وتوليد، واختطاف 15 آخرين، واعتقال 101 من العاملين في هذا القطاع.

ونبّهت الغارديان إلى أن هذه الأرقام مرجح أن تكون أقل من الواقع، نظراً لاعتمادها على الحوادث الموثقة إعلامياً فقط، في ظل صعوبة الوصول إلى المعلومات داخل مناطق النزاع وانقطاع الاتصالات.

مآسٍ من غزة وأوكرانيا

سلّطت الغارديان الضوء على الأوضاع الكارثية التي تواجهها النساء الحوامل في قطاع غزة، حيث تستمر الوفيات بين النساء والأطفال حتى بعد وقف إطلاق النار في أكتوبر الماضي، نتيجة النقص الحاد في الأدوية والمعدات الطبية، مع تقارير عن ولادات جرت بين الأنقاض وعلى جوانب الطرق بعد استهداف المستشفيات بالقذائف والصواريخ.

ورُصد في أوكرانيا تدمير ما لا يقل عن 80 منشأة للولادة وحديثي الولادة منذ بداية الحرب عام 2022، مشيرة إلى أن الضغط النفسي الحاد أدى إلى زيادة المضاعفات أثناء الولادة، خصوصاً في مدن مثل خيرسون التي تضرر مستشفى الولادة فيها خمس مرات.

وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن ميانمار شهدت قصفاً متكرراً للمرافق الطبية واعتقال عشرات القابلات والمرضى.

تهديد الحق في الحياة

حذّر التحقيق من أن نحو 676 مليون امرأة يعشن حالياً على مسافة لا تتجاوز 50 كيلومتراً من مناطق نزاعات مميتة، وهو أعلى رقم مسجل منذ تسعينيات القرن الماضي، في ظل غياب الضمانات القانونية والملاحقات القضائية لمرتكبي جرائم الحرب المرتبطة بالصحة الإنجابية.

ونقلت الصحيفة عن محامية حقوق الإنسان في منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان»، بايال شاه، قولها إن غياب المساءلة خلق «ثقافة إفلات من العقاب»، معتبرة أن الهجمات على خدمات رعاية الأمومة قد تندرج ضمن أعمال الإبادة الجماعية، لما لها من أثر في منع الولادات أو تهديد بقاء جماعات سكانية بأكملها.

واختتمت الصحيفة بالتأكيد على أن معظم وفيات الأمهات يمكن الوقاية منها عبر إجراءات طبية روتينية، غير أن الحروب تدمر الأنظمة الصحية، وتقوض الشروط الأساسية التي تجعل الولادة الآمنة ممكنة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية